جمع القرآن الكريم

س : ماذا حدث بعد موت النبي (ص) ؟

ج : بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم تفرق المسلمون – بما فيهم الصحابة – في أرض الله للجهاد .. وتفرق معهم الكثير والكثير من الأحاديث التي سمعوها من النبي (ص) ..

أضف إلى ذلك أنه تم جمع القرآن في عهد خليفة رسول الله أبي بكر الصديق في مصحف واحد بإشارة من عمر عندما رأى موت الكثير من حفظة القرآن في حروب الردة ..

وبالفعل بدأ المسلمون يجمعون آيات القرآن الكريم المكتوبة على الصخور أو أوراق النباتات أو سعاف النخل أو عظام الحيوانات أو المحفوظة في صدور الرجال ليكتبوها ويحفظوها في مصحف واحد تم وضعه عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر .. وبالطبع أخذ عمر مع الصحابة جميع الاحتياطات اللازمة لصحة تجميع القرآن .. فلا تكتب آية إلا بشاهدي عدل يشهدان على سماعها مباشرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم.. أيضاً مراعاة ترتيب الآيات والسور كما كان يقرؤها الرسول صلى الله عليه وسلم.. كما أمرهم عمر أنه عند اختلافهم في نطق كلمة من الكلمات أن يكتبوها بلهجة أو بلسان أهل مكة .. لأن القرآن نزل على الرسول به في الأصل .. ومن أهم الاحتياطات كذلك التي اتخذها عمر هو حرق كل الأحاديث النبوية المكتوبة !! وكان ذلك خوفاً من ضياع القرآن واختلاطه بأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم المكتوبة أو الشارحة لها .. فجزى الله تعالى أبا بكر وعمر وجميع الصحابة خيراً على ما قاموا به .. ولتتحقق آيات الله تعالى في سورة الحجر :

" إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " الحجر – 9 ..

وسأضطر هنا لتكملة قصة تجميع القرآن الكريم – والتي لا يعرفها كثير من المسلمين للأسف - ..

فبعد أن حفظت نسخة القرآن كاملة لأول مرة منذ نزوله على رسول الله صلى الله عليه وسلم – ولم يجمعه النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة لأن القرآن كان يتنزل عليه حتى آخر عمره صلى الله عليه وسلم - .. وبقيت هذه النسخة محفوظة كما قلنا عند أم المؤمنين حفصة بنت عمر باقي خلافة أبي بكر – عامان – ثم طوال خلافة أمير المؤمنين عمر – اثنا عشر عاماً – ثم جزءاً من خلافة أمير المؤمنين عثمان .. والذي في خلافته اتسعت أرض الإسلام كثيراً شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً .. فلاحظ الجنود المسلمون من العرب اختلاف قراءة القرآن من إخوانهم الجنود الذين دخلوا في الإسلام من غير العرب .. وذلك أثناء الفتوحات وفي الثغور وغيرها ..

ومع أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز سبع لهجات أخرى غير لهجة أهل مكة للقرآن والتي نزل أصلاً بها – وذلك تيسيراً من الله تعالى على أهل هذه المناطق المتفرقة من عرب أهل الجزيرة - .. إلا أن الاختلاف تعدى ليس مجرد اللهجة والنطق .. ولكن بدأت الحروف تتغير بسبب لهجات أهل هذه البلاد – مثل بلاد فارس والروم و الهند والصين - ..

أيضاً بدأت بعض المصاحف ( ذات القراءات الشاذة ) في الانتشار بين الناس .. والقراءة الشاذة هي مصطلح أطلق على المصحف عندما يقوم الصحابي بكتابة معنى بعض الآيات فيه بدون فصل بين الآية نفسها وبين معناها .. وذلك – مع أنه بحسن نية من الصحابي – إلا أنه يعد نوعاً من أنواع التحريف للقرآن !! بل ويمكن مع مرور الوقت عدم تفريق الناس بين ما هو معنى للآيات وما هو الآيات نفسها !! ومن أشهر الحوادث في ذلك مصحف عبد الله بن مسعود ..

لذلك فقد أصدر أمير المؤمنين عثمان أوامره بجمع جميع المصاحف التي كتبها أصحابها من البلاد الإسلامية.. ثم القيام بحرقها جميعاً ..

ثم أمر بعد ذلك بنسخ سبعة نسخ أصلية من المصحف الذي عند أم المؤمنين حفصة والقيام بتوزيعه على الأمصار .. على أن تلتزم جميع بلاد الإسلام بهذا المصحف ..

فكانت خطوة عظيمة أيضاً من عثمان لحفظ القرآن كما أنزل بين أيدينا إلى الآن .. ولنكون نحن الأمة الوحيدة بين أمم أهل الكتاب من اليهود والنصارى التي تملك النسخة الأصلية من كتاب رسولها – وليست التراجم كحال التوراة والإنجيل اليوم - .. وبذلك حفظ الله تعالى كتابه الأخير إلى البشرية من التحريف والضياع .. وكأنه يقول للإنسان :

عندما تركت لك أمر حفظ كلامي وكتبي لم تستطع .. بل وأضعتها وحرفت فيها وكتبت فيها من عندك .. أما آخر كتبي للبشر فقد تعهدته بنفسي .. وحفظته من الضياع ..

وإلى الآن لم تنجح المحاولات العديدة من اليهود والنصارى لتحريف القرآن بشتى الطرق عبر السنين ..

بل والحمد لله .. فإن مصحف عثمان والذي احتفظ به في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم موجود حتى الآن لم يمسسه سوء بإذن الله تعالى لمن يريد أن يراه ..

بقلم / عمرو خالد

0 التعليقات: